تواصل معنا عبر التلجرام الرابط

خطر النميمة و الغيبة

 




النَّميمَة: هي نقل الكلام بين الناس؛ لقصد الإفساد، وإيقاع العداوةِ والبغضاءِ بينهم.


وقد جاء في الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا أُنبِّئُكم ما العَضةُ[1]؟ هي النَّمِيمَة، القَالة[2] بين الناس)).


يقول الإمام الغزالي رحمه الله في كتابه "الإحياء" (3/ 208):


"اعلم أن اسم النَّمِيمَة إنما يطلق في الأكثر على مَن ينمُّ قول الغير إلى المقول فيه، كما تقول: "فلان كان يتكلَّم فيك بكذا وكذا"، وليست النَّميمة مُختصة به، بل حدُّها كشفُ ما يُكره كشفُه، سواء كَرِهه المنقولُ عنه أو المنقول إليه، أو كرهه ثالث، وسواء كان الكشف بالقول أو بالكتابة أو بالرمز أو بالإيماء، وسواء كان المنقول من الأعمال أو من الأقوال، وسواء كان عيبًا ونقصًا في المنقول عنه أو لم يكن، بل حقيقة النَّميمة إفشاء السر وهتك الستر عما يُكره كشفه، بل كل ما رآه الإنسان من أحوال الناس مما يُكره فينبغي أن يسكت عنه، إلا ما في حكايته فائدةٌ لمسلم أو دفعٌ لمعصية؛ كما إذا رأى مَن يتناول مال غيره؛ فعليه أن يشهد به مراعاة لحق المشهود له، فأما إذا رآه يُخفي مالاً لنفسه فذكره فهو نميمة وإفشاءٌ للسر، وإن كان ما ينم به نقصًا وعيبًا في المحكي عنه؛ كان قد جمع بين الغيبة والنَّميمة.


 


والباعث على النَّميمة: إما إرادة السوء للمحكي عنه، أو إظهار الحب للمحكيِّ له، أو التفرُّج بالحديث والخوض في الفضول والباطل".


 


وأشد أنواع النَّميمة حرمة وإثمًا هي:

 النَّميمة لدى السلطان، وتسمَّى سِعَاية أو وِشاية، وتَكمُن خطورتها في كون السلطان قادرًا على البطش والانتقام بما لا يَقدر عليه غيره.


 


يقول صاحب كتاب "فتح المجيد شرح كتاب التوحيد"

 (ص 325):


"والنَّميمة من أنواع السحر؛ لأنها تشارك السِّحرَ في التفريق بين الناس، وتغيُّر قلوب المتحابين، وتلقيح الشرور". اهـ


 


الفرق بين الغيبة والنَّميمة:

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "واختلف في الغيبة والنَّميمة، هل هما متغايرتان أو متَّحدتان؟


والراجح التغاير، وأنَّ بينهما عمومًا وخصوصًا وجهيًّا؛ وذلك أن النَّميمة نقلُ حال شخص لغيره على جهة الإفساد بغير رضاه، سواء كان بعلمه أم بغير علمه، والغيبة ذِكرُه في غيبته بما لا يُرضيه، فامتازت النَّميمة بقصد الإفساد، ولا يشترط ذلك في الغيبة، وامتازت الغيبة بكونها في غيبة المقول فيه، واشتركَا فيما عدا ذلك. ومن العلماء مَن يشترط في الغيبة أن يكون المقول فيه غائبًا، والله أعلم"؛ (فتح الباري بشرح صحيح البخاري: 10/ 473).


 


وقال البعض:

 "إن الغيبة ما يكون بالقلب؛ بأن تظن السوء بأخيك وتصمم عليه بقلبك، أما النَّميمة فلا تكون إلا باللسان أو ما يحل محله من الكشف عن السوءات من كتابة أو غمز أو إيماء".


تعريف النَّمَّام:

يقول الجرجانيُّ - وتبعه المناوي -: "النَّمَّام: هو الذي يتحدَّث مع القوم فينم عليهم؛ فيكشف ما يُكره كشفه، سواء كَرِهه المنقول عنه، أو المنقول إليه أو الثالث (أي: النَّمَّام)، وسواء أكان الكشف بالعبارة أو بالإشارة... أو بغيرهما"؛ (التعريفات: ص 267)، (التوقيف على مهمات التعاريف: ص330).


 


والنَّمَّام: هو الذي يَنقل الحديث بين الناس على جهة الإفساد.

والنَّمَّام يتَّقِيه الناس لشره؛ كما جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من شرار الناس مَن اتَّقَاه الناس لشرِّه))، والنَّمَّام منهم.


 




من أجل هذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يُنقل إليه أيُّ حديث عن أحد؛ ففي الحديث الذي أخرجه أبو داود والترمذي من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يُبَلِّغني أحدٌ من أصحابي عن أحدٍ شيئًا؛ فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر)) (ضعيف).


 


والنَّمَّام أشد خطرًا من المغتاب؛ حيث إن النَّميمة توقع بين الناس العداوة والبغضاء، وتقطع الأرحام، وتوغر الصدور، وتعكر صفو النفوس.

الموقع في الحالة التجريبيىة ... لتطوير المدونة ادعمنا بتدوينة من انشائك

إرسال تعليق